أخبار الدارسلايدر

الدار افتتاحية: هل انتصر المغرب وحوّل الجائحة إلى منجم من الفرص؟

الدار/ افتتاحية

معدل النمو الاقتصادي الذي يتوقعه البنك الدولي للمغرب يصل إلى 5.5 في المائة وهو رقم غير مسبوق. الحكومة تتوقع 4 في المائة. المغرب يصنف كأفضل وجهة لاستقطاب الاستثمارات على الصعيد الإفريقي. مراكش تصنف من جديد كإحدى أفضل الوجهات السياحية في العالم. أرقام الإصابات بفيروس كورونا المستجد تتراجع لتصل إلى أدنى مستوياتها في الوقت الذي بدأت حملة التلقيح بالجرعة الثالثة، وبدأت ملامح المناعة الجماعية تظهر في الأفق. هل تعكس هذه المعطيات وغيرها نجاحا رسميا في تحويل الجائحة التي شلت العالم إلى منجم من الفرص؟

على مستوى صورة البلاد من الواضح أن إدارة السلطات لجائحة فيروس كورونا حسنت كثيرا من وضعنا بين دول العالم. لقد صُنف المغرب كإحدى الدول الأكثر تقدما في حملة التلقيح وتدبير حالة الطوارئ. كما أنه استطاع بسهولة الخروج من دائرة البلدان التي فرضت عليها قيود السفر. عودة السياح بسرعة للتردد على المدن المغربية كان أكبر دليل على ذلك. هذا يعني أن الاستثمارات الهائلة والقرارات السياسية والإدارية التي اتخذت للتصدي للوباء ضربت عصفورين بحجر واحد. لقد حاصرت الوباء داخليا، وحسنت من صورة المغرب دوليا وإقليميا.

في المجال الاقتصادي تحولت الأزمة المترتبة عن الوباء إلى فرصة لمراجعة الاختيارات والاستراتيجيات الكبرى. إطلاق سياسة استبدال المنتج المستورد بالمنتج المصنع محليا تعد مشروعا رائدا بدأ يجد طريقه نحو النجاح. أن تنتهي إجراءات وقيود كورونا بإطلاق علامة “موروكو ناو” لتشجيع الاستثمار والاستيراد من المغرب، لا يمكن إلا أن يعبر عن هذه النجاحات النادرة المحققة في سياق الأزمة العالمية. هناك بلدان قليلة في العالم استطاعت أن تكسب من وراء الجائحة، ولا شك أن المغرب واحد منها. قد لا يكون هذا الربح ملموسا حاليا، ولكن من المؤكد أنه سيتحقق على المدى المتوسط والبعيد، سواء على المستوى المادي أو الرمزي.

تحسين الصورة وتعزيز فرص الاستثمار وتأهيل الصناعة، ينضاف إلى انتصار آخر مثله الرهان الديمقراطي الذي نجح فيه المغاربة شعبا ودولة وأحزابا. تنظيم انتخابات 8 شتنبر، والانتقال إلى مرحلة سياسية جديدة بتشكيل أغلبية منسجمة، وخروج الحزب الحاكم في عملية سلمية هادئة كان نصرا آخر للمغرب والمغاربة في سياق أزمة جائحة فيروس كورونا. لقد خرجنا إذن بمجتمع ممنّع صحيا واقتصاد مهيكل نحو توجهات جديدة ومؤسسات سياسية بنفس مختلف، مع تجربة مزعزعة للإدارة كثفت من خبراتها في مواجهة الأزمات.

الآفاق التي فتحتها هذه الأزمة أمام بلادنا هي التي أظهرته بمظهره الحقيقي القوي والمحصّن، في مواجهة قوى أوربية ودولية. بماذا تفسرون قرار المغرب إعادة مراجعة علاقاته مع إسبانيا وألمانيا في مثل هذه الظرفية الحرجة والحساسة؟ هذا مكسب أخر لا يقل أهمية، يتمثل في إعادة اكتشاف الذات الوطنية، والقدرة على انتزاع موقع مع الكبار إقليميا ودوليا. وقد بدأت نتائج هذا الرهان الدبلوماسي الذي أطلقه المغرب تظهر في الأفق، بعد أن خضعت إسبانيا لشروطه، وبدأت ألمانيا تبحث عن مخارج للانسداد في العلاقات بين البلدين.

في المدى القريب سيشهد العالم إعادة ترتيب جديدة، وستتعرض الأنظمة والبلدان التي تأخرت في حملات التلقيح وفي تأهيل الاقتصاد إلى صدمات اقتصادية وموجات وبائية أخرى. وحدها المجتمعات التي قطعت أشواطا في الحرب على الوباء، وراهنت على المسارعة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة ستكون مؤهلة لاحتلال مواقع متقدمة في السباق الاقتصادي والأمني العالمي. ولا شك أن المملكة المغربية ستكون في قائمة هذه البلدان.

زر الذهاب إلى الأعلى