أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: هل تعني نهاية الجائحة في أوربا نهايتها في المغرب؟

الدار/ افتتاحية

يبدو أن تصريح مدير الفرع الأوربي لمنظمة الصحة العالمية حول قرب نهاية جائحة فيروس كورونا المستجد في أوربا يعد أكثر البلاغات التي أدلت بها المنظمة تفاؤلا منذ فترة طويلة. فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية، أول أمس الأحد، أنها تتوقع نهاية “محتملة” لوباء كوفيد-19 في أوروبا بعد متحور “أوميكرون”. وأعلن مدير الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية، هانس كلوغه، أن المتحور “أوميكرون” الذي قد يصيب 60% من الأوروبيين بحلول مارس، أطلق مرحلة جديدة من وباء كوفيد-19 في المنطقة وقد يقرّب الأزمة الصحية من النهاية. وأضاف “حين تهدأ موجة أوميكرون، ستكون هناك مناعة جماعية مدى أسابيع وأشهر، إما بفضل اللقاح وإما لأن الناس ستكون لديهم مناعة بسبب الإصابة وكذلك تراجع بسبب الموسم”.

ولا يدفع هذ التصريح الأوربيين وحدهم إلى التفاؤل بشأن مستقبل الوضع الوبائي فالتأمل في الأسباب التي أوردها مدير الفرع الأوربي لتوقعه بنهاية الجائحة يدفعنا نحن أيضا في المغرب إلى الإعراب عن التفاؤل ذاته. فهناك سببان رئيسيان اعتمدتهما منظمة الصحة العالمية في حديثها عن قرب نهاية الجائحة مع أوميكرون، السبب الأول هو اللقاح الذي استفادت منه فئات واسعة من الساكنة الأوربية، حيث تعد دول الاتحاد الأوربي من بين أكثر البلدان تقدما في حملات التلقيح حيث وصلت نسبة الساكنة التي حصلت على جرعتين في بلد مثل البرتغال إلى 90 في المائة، وبلغت في إسبانيا نسبة 81 في المائة بينما وصلت في فرنسا إلى نسبة 75 في المائة أما في بريطانيا وألمانيا فقد وصلت إلى نسبة 72 في المائة، بينما تتواصل حملات التلقيح بالجرعات المعززة التي وصلت إلى الجرعة الثالثة.

والسبب الثاني الذي جعل منظمة الصحة العالمية تتحدث عن قرب نهاية الجائحة في أوربا هو إمكانية بلوغ المناعة الجماعية بعد توسع حالات الإصابة لتشمل فئات واسعة من الساكنة. هذا الواقع الوبائي لا يختلف كثيرا عما هو مسجّل لدينا في المغرب. فمن ناحية التلقيح تجاوز المغرب نسبة 65 في المائة من الساكنة الملقحة بجرعتين أي أكثر من 23 مليون مغربي حصلوا على هذه الجرعة. وعلى الرغم من احتشام الأرقام المسجلة على مستوى الجرعات المعززة إلا أن نتائج إقبال المغاربة على التلقيح بشكل مبكر ظهرت بجلاء بعد أن تمكن المغرب من التحكم إلى حد بعيد في تطور موجات الوباء ويكاد فصل الشتاء الحالي ينتهي بمعدلات مطمئنة من الوفيات ونسبة ملأ لأقسام العناية المركزة لا تتجاوز 12 في المائة.

هذا التشابه بين المغرب ودول الاتحاد الأوربي فيما يتعلق بتعميم حملات التلقيح يدفعنا أيضا إلى التساؤل إن كانت نهاية الجائحة في أوربا تعني نهايتها في المغرب، خصوصا أن معدلات الإصابة بمتحور “أوميكرون” سجلت في الأسابيع القليلة الماضية أرقاما متزايدة سواء تعلق الأمر بتلك التي يتم إحصاءها رسميا أو تلك الحالات التي تفلت من قائمة التشخيص والإحصاء. إن التقدم إذن في عملية التلقيح مع تزايد أعداد الإصابات يعني أننا سنصل أو وصلنا عمليا إلى مشارف المناعة الجماعية التي تعد هي الأمل الوحيد للعالم من أجل الخروج من هذه الجائحة الوبائية التي طالت لأكثر من سنتين. وفي ظل هذا الاحتمال المبشّر يتعين إذن الاستمرار في توخي الحذر والحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها، لكن بالمقابل مواكبة هذا التطور الإيجابي بإجراءات ملائمة للتخفيف من القيود والإجراءات الاحترازية المتخذة.

لكن التعاطي مع هذه المرحلة المرتقبة لا يجب أن يقتصر فقط على الجانب التنظيمي فيما يخص إدارة الجائحة والوقاية من تبعاتها، هناك جانب آخر لا يقل أهمية وهو الذي يشغل بال المغاربة كثيرا ويتعلق بالوضعية الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عن الجائحة. لا بد في هذا الإطار من الاستعداد جيدا لانتهاز الفرص الاقتصادية الواعدة التي ينتظرها العالم مباشرة بعد نهاية الجائحة، حيث التوقعات بمعدلات النمو الكبيرة يمكن أن تمثل منجما لا ينضب من الفرص لتدارك الخصاص ومعالجة الجروح الغائرة التي خلفتها أكثر من سنتين من الركود والإغلاق المتواصل.

بل إن المغرب ينبغي أن يكون له قصب السبق في انتهاز الفرص الاقتصادية الواعدة.

زر الذهاب إلى الأعلى