أخبار الدارسلايدر

بنكيران يفقد فرامل لسانه.. حالة شرود وتيه وقاموس منحط

الدار- تحليل

خطاب منحط ومُسف، يحط من قدر صاحبه، ولا يرقى إلى مستوى النقاش السياسي الراقي، أقل ما يمكن أن نصف به تصريحات عبد الاله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، اليوم الأحد، في المؤتمر الجهوي لحزبه بالدار البيضاء، حينما هاجم القيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، الطالبي العلمي، مخاطبا إياه “انت عيب أن تكون في السياسة في المغرب، كبرنا بالحمار، وإذا كنت أنا ذئب شارف أنت غير حمير”.

التهجم غير المبرر بالكلام السوقي، والنابي، الصادر عن رئيس الحكومة الأسبق عبد الاله ابن كيران، في حق الطالبي العلمي، يؤكد بجلاء حالة الشرود التي يعيشها الرجل بعدما غادر رئاسة الحكومة غير مأسوف عليه، ووضعية الأزمة التي يعيشها بعدما نفض المغاربة حزبه خلال الانتخابات الأخيرة، التي شكلت انتكاسة حقيقية لحزب، ذاق معه الشعب المغربي أزمات متوالية، لا زالت تداعياتها مستمرة الى يومنا هذا، وأكبر تجلياتها ارتفاع الأسعار.

بالرجوع الى كلمة ابن كيران، التي ألقاها في حضرة مريديه، اليوم الأحد، نستشف بنية نفسية مهزوزة لدى رئيس الحكومة الأسبق، الذي تحدث بلغة لا تخفي أزمة حقيقية داخل حزب “المصباح”، حيث حاول لملمة جراح التنظيم، المتخمة بجراح هزيمة مدوية في الانتخابات الأخيرة، رغم أن أعضاء الحزب، الذين وضعوا كل بيضهم في سلة بنكيران، كانوا يأملون أن يكون المنقذ لحزب العدالة والتنمية من “الموت السياسي”، وأن يعيدوه إلى “وهجه” السابق، بعدما تدحرج من أعلى مرتبة انتخابية إلى الحضيض، وفقد بريقه السياسي، جراء تدبيره للشأن العام طوال عقد من الزمن، وتضرر فئات واسعة من المغاربة من سياساته، وضمنهم جزء كبير من داعميه، وكثير منهم ترك دفة الحزب دون رجعة.

ابن كيران، الذي يدعي “الطهرانية” وبأنه قادم من مرجعية إسلامية تؤمن بالتدافع السياسي الشريف، وبعدم المساس بالمال العام، لازال وفيا لخطاب سياسي “زنقوي”، قائم على “شيطنة” الخصوم، والمساس بذمتهم، وبكرامتهم، دون إيلاء أدنى اعتبار لما يجب أن يتوفر في رجل السياسة من مقومات الاتزان، والرشد، وعوض أن يؤسس الرجل لخطاب سياسي رصين وبناء يعالج القضايا الرئيسية في البلاد، ظل ابن كيران، يجتر خطابا فرجويا، منحطا ومترديا يؤكد بأنه يقود حزبه نحو الهاوية دون “فرانات”.

في ظل النقاش المحتدم اليوم حول إعادة الاعتبار الى العمل السياسي النبيل، ومصالحة الشعب المغربي مع السياسية والسياسيين، كما يدعو الى ذلك جلالة الملك محمد السادس، في مختلف خطبه السامية، يصر عبد الاله ابن كيران، الذي لازالت تلاحقه وصمة الاستمتاع بتقاعد سمين دون وجه حق، يصر على تمييع الحقل السياسي في بلادنا، وتقديم الصراع السياسي بأنه غير مجدي وغير بناء، والا فبماذا يمكن وصف خرجته اليوم بالدار البيضاء، التي نعت فيها الطالبي العلمي، بأنه “حمار” و “ميكروب”؟؟

خرجات عبد الإله ابن كيران، التي تمتح من قاموس “زنقوي” لا يعطي للمقامات أدنى اعتبار، تسهم بشكل كبير في عزوف المغاربة عن الفعل السياسي، كما أن خرجاته تعطي مصداقية للرافضين للعملية الديمقراطية، وللفعل السياسي برمته، خاصة أنه ينهل من اللغة الشعبوية الغارقة في الانحطاط والمس بالحياة الشخصية للقيادات الحزبية والتحريض والتزييف، وإثارة النعرات، ومحاولة العودة الى تصدر المشهد السياسي، على حساب كرامة وعزة الآخرين.

لقد بات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، مهوسا باستغلال أية مناسبة لتكريس انحطاط الخطاب السياسي من خلال الابتعاد عن مناقشة الأفكار والبرامج والبدائل والإنجازات، وتعويض ذلك بنقاش الأشخاص والتركيز على الشأن الخاص عوض العام و تصيد المناسبات لتصفية الحسابات دون مراعاة التأثيرات السلبية لذلك على المواطنين، وما الهجوم، الذي شنه على القيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، راشد الطالبي العلمي، وقبله عزيز أخنوش، الا أكبر مثال على الخط السياسي لعبد الإله ابن كيران، الذي اعتاد على “شيطنة” خصومه السياسيين، ومن لا يشاطرونه خطه السياسي والايديولوجي.

خطابات عبد الاله ابن كيران، أصبحت “أسطوانة مشروخة” عفا عنها الزمن، يجترها في كل مناسبة، حتى حفظها المغاربة عن ظهر قلبها، حيث ينطلق في خرجاته من نشأة حزبه، وبأنه جاء للعمل من أجل “الجنة”، و “الأجر والثواب”، وبأن “الكراسي الوثيرة” لا تهمه هو واخوانه، ليعرج بعد ذلك على ما يصفها بـ”حصيلته المشرفة” في رئاسة الحكومة، وبين ثنايا هذه “الاستيهامات” يهاجم خصومه السياسيين، في ذمتهم المالية، وفي كرامتهم، ويصفهم بأقبح النعوت، دون إيلاء أدنى اعتبار لما يجب أن يتمتع به رجل سياسة مثله.

لكن عبد ابن كيران، الذي يشك في ذمة السياسيين، ويصفهم بـ”الحمير”، هل له أن يقنع المغاربة بأنه جاء الى السياسة من باب الرغبة في دخول الجنة، ونيل الأجر والثواب، وهو الذي خرج من السياسة بتقاعد سمين، بعدما أغرق البلاد في أزمات على مختلف الأصعدة، لازال المغاربة يكتوون بنيرانها.

زر الذهاب إلى الأعلى