المواطنسلايدر

بسبب إرتفاع أسعار الأعلاف.. لهيب أثمنة الأضاحي يربك حسابات المغاربة

الدار/ هيام بحراوي

 

ارتفعت الأسعار وحرق لهيبها جيوب المواطنين، سواء تعلق الأمر بأثمنة المواد الغذائية، أو أسعار الوقود، وسط تخوف كبير يسود الغالبية العظمى من المغاربة من أصحاب الدخل المحدود، الذين يتساءلون عن سعر الأضاحي هذه السنة ونحن على مقربة من عيد الأضحى المبارك.

واشتكى مربو الماشية ” الكسابة”، من الغلاء في أسعار الأعلاف التي باتت تهدد نشاطهم في تربية الأغنام وقطعان الماشية، حيث أكدوا أن نفقات تغذية المواشي باتت مكلفة جدا.

وأسعار الأضاحي هذه السنة جد مرتفعة بحسب ما أكده مجموعة من  مربي الماشية “الكسابة” بعدد من المدن المغربية، لموقع “الدار”، وهذا الإرتفاع راجع في نظرهم إلى الجفاف القاسي الذي سجل هذه السنة بعدد من المناطق، وأيضا لغلاء الأعلاف والزيادات المتتالية في أثمنة المحروقات.

مستنقع الغلاء

علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلكين، المنضوية تحت لواء الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أعرب عن حزنه وأسفه لحال المواطن المغربي الذي مر بسنتين قاسيتين بسبب وباء “كورونا”، ليجد نفسه لا زال غارقا في مستنقع الغلاء وارتفاع الأسعار.

وبحسب شتور، فإن الوضع الحالي الذي ينذر بغلاء الأضاحي، راجع إلى ارتفاع الأعلاف والحبوب كالقمح، بسبب الحرب الدائرة بين أوكرانيا وروسيا .

وقال المصدر ذاته، أن عددا من المواطنين، كان يحدوهم الأمل في تحسن الظرفية الاقتصادية، لكنهم لم يستطيعوا الخروج من دوامة ارتفاع الأسعار بسبب توالي المناسبات الدينية والمدرسية ، الشيء الذي يضيف جعلهم رهينة في أيدي من سماهم “المضاربين والسماسرة” الذين يستغلون مناسبة عيد الأضحى للرفع من الأسعار وإلحاق الضرر بالقدرة الشرائية للمستهلك الذي يضطر في آخر المطاف للاقتراض من أجل شراء الأضحية.

وأكد المتحدث، أنه ما بين 60 و70 مغربي يلجؤون للإقتراض من الأبناك كل عيد أضحى، وهو الأمر الذي يرفضه، لأن عددا من هؤلاء المواطنين يضيف ” يجد نفسه في آخر المطاف مكبلا بمصاريف شهرية لا يستطيع الإنعتاق منها”.

ونصح شتور، المغاربة الغير قادرين على مجاراة ارتفاع الأضاحي هذا العام بعدم شراء الأضحية، عملا بقوله تعالى ” لا يكلف الله نفسا إلا وسعها”.

“فساد” لحوم الأضاحي   

حذر رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلكين، المغاربة من شراء الأضاحي من الأماكن غير معروفة وغير مرخصة،  التي يبيعها من وصفهم بـ”شناقة” معللا ذلك بأن السنة الماضية استقبلت الجمعية شكايات عديدة ، لمواطنين فسدت لحوم أضاحيهم بعد ذبحها بساعات قليلة، كما تصاعدت منها روائح نتنة، وهذا بسبب أن بعض المتطفلين على المجال من ذوي الضمائر الميتة، يؤكد المصدر ذاته، “يطعمون المواشي بقايا الدجاج” بسبب عدم قدرتهم على شراء العلف .

وقال أن المشتكين، اشتروا أضاحي العيد بأٌثمنة مرتفعة وفي الأخير قاموا برميها في مكبات القمامة.

ولم يخفي علي شتور، تخوفه من تكرار نفس السيناريو هذا العام، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف، حيث طالب الحكومة  وخاصة وزارة الفلاحة بتفعيل المراقبة  الفجائية المستمرة المرتبطة بالزجر و العقاب، والضرب بيد من حديد لكل من سولت له نفس غش المستهلكين المغاربة واستنزاف جيوبهم.

وأوضح أنهم كجمعية يقومون بحملات توعوية من أجل التحذير من خطورة تعفن لحوم الأضاحي، كل سنة خاصة وأن عيد الأضحى خلال السنوات الأخيرة يصادف فصل الصيف المعروف بموجة الحرارة المرتفعة.

و قال “نحن كجمعية نقوم بإخبار الجهات المسؤولة لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حق من كل من سولت له نفسه التلاعب بصحة المواطن المغربي وسلامته”.

و”ندعو للحفاظ باللحم بعد الذبح في مكان بارد لمدة 5 ساعات، وتجنب أشعة الشمس الحارة، خاصة أن العيد يتزامن مع فصل الصيف، بغية الحفاظ على جودته وسلامته. وبعدها يقطع ويلفف في أكياس بلاستيكية، حسب كمية الاستهلاك، ويوضع في الثلاجة في مكان خاص بالتجميد تحت درجة لا تتعدى ناقص 18درجة”.

 وحذر شتور، من تدخل الوسطاء والمضاربين (الشناقة)، الذين يشكلون حسب تعبيره خطرا على المستهليكين في إلهاب السوق ورفع أسعار الخرفان في غياب الرقابة الصارمة على الأسواق من طرف الجهات المسؤولة على القطاع.

معاناة “الكسابة”

ميمون بنعمر، كساب وفاعل جمعوي، بمنطقة ملوية بتقاجوين، أوضح في تصريح لموقع “الدار” أن الأضاحي هذا العام بمدن خنيفرة وبني ملال وميدلت تترواح بين 3000 درهم و4000 درهم، مؤكدا أن جميع “الكسابة” هذا العام يشتكون من غلاء الأعلاف سواء تعلق الأمر بالشعير أو الذرة أو غيرها من الحبوب التي تعطى للمواشي والتي تتراوح من 50 درهم إلى 100 درهم للكيس الواحد.

وطالب المتحدث، من الحكومة بتقديم دعم مادي للفلاحين المتضررين، بدل توزيع أكياس الشعير المدعم التي يقول “لا تسمن ولا تغني من جوع”.

من جهته، أوضح الفاعل الجمعوي مصطفى علاوي، لموقع “الدار” أن هناك تخوف كبير عند “الكسابة” من انخفاض ثمن الأَضاحي في آخر لحظة كما حدث العام الماضي، حيث تكبد غالبيتهم خسارة كبيرة.

وأكد المتحدث، أن هناك أزمة حقيقية، تخص الأعلاف، بسبب أن الطلب أكثر من العرض، وأن عددا من الفلاحين أرادوا شراء الشعير رغم غلاء سعره ولم يجدوه في السوق.

نفس المشكل الذي يقع في ضواحي ميدلت، يعانيه فلاحوا املشيل الذين يواجهون غلاء الأعلاف بالزيادة في ثمن الأضاحي هذه السنة، حيث تترواح أسعار الأكباش بحسب ما أكده حسن أعبو، فاعل جمعوي، لموقع “الدار” بين 4000 درهم و5000 درهم.

ونظرا لأن المواشي بإملشيل معروفة بجودتها، فالغالبية من القطيع توجه للأسواق الوطنية بالدار البيضاء وطنجة والراشيدية واورزازات …

وأضاف حسن أعبو، أن الجفاف قهر العباد، مطالبا بتدخل عاجل لإنقاذ الفلاحين من الإفلاس.

ارتفاع أسعار الأضاحي

كشف عبد الكريم الشافعي ، رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك بأكادير الكبير، ورئيس الفدرالية الجهوية لحقوق المستهلك بجهة سوس ماسة، لموقع “الدار”، الجمعية تنصح المستهلكين المغاربة بشراء الأضحية التي تحمل حلقة بلاستيكية مرقمة بأرقام تسلسلية من أماكن معروفة ومراقبة من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية، منبها المستهلكين بعدم شراء الأضاحي الغير مرقمة التي في حال أراد المواطن تقديم شكاية بخصوص فساد اللحوم ، فضروري من توفره على ذلك الرقم التسلسلي .

أما بخصوص ارتفاع ثمن الأضاحي في الأسواق قبيل بدأ الاستعدادات لاستقلال عيد الأضحى، فقال أن الموسم الحالي هو موسم جفاف أثر على توفر الكلأ للماشية، من اضطر الفلاحين والكسابة لشراء الأعلاف التي عرفت هذا العام ارتفاعا صاروخيا ، بزيادة 40 في المائة للكيس الواحد.

فالكيس الذي كان يبلغ ثمنه 100 درهم يقول قفز لـ 200 درهم. إذن فجل الكسابة بحسب الشافعي، هذا العام لجأوا لشراء الأعلاف رغم ارتفاع ثمنها، لعدم توفر الكلأ الطبيعي بسبب الجفاف، موضحا أن الأمر ازداد تعقيدا بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، وبالتالي “فالفلاح أو الكساب حتى ولو باع قطيعه بثمن مرتفع لن يعوض خسارته المادية “.

وأشار الشافعي أن جل الأعلاف تأتي من الخارج، وهذا المعطى زاد وضع الفلاحين سوءا، فمثلا هناك أعلاف  لا يعرفها المستهلك، تستعمل في تسمين الماشية، وهناك نوع يسمى “الرويزة” يأتي من الخارج يعطى فقط للماشية وهناك عدد من الفلاحين لا يحبذون إعطاءه للمواشي لأنه ليس كالشعير المغربي. وقال أن “الزيادات هذا العام ستكون من 700 درهم إلى  800 درهم في الأضحية” .

 اقتناء الأضحية

 سعيد ، رب أسرة تتكون من سبعة أشخاص عبر عن امتعاضه من الوضع الحالي الذي يعيشه المغاربة الذين في مثل وضعه، وأعرب عن تذمره من كونه كان يفكر في قضاء العطلة الصيفية برفقة أبنائه ، وكل ما ادخره لا يكفي لشراء الأضحية في ظل هذا الغلاء، لهذا سيفضل المكوت في البيت وشراء الأضحية التي هي سنة مؤكدة.  

فالأسعار هذه السنة مرتفعة للغاية مقارنة مع ميزانية غالبية الأسر المغربية، التي باتت لا تخفي شكواها من الغلاء في الأسواق والمحلات التجارية، وهذا ما يفسره الإقبال الكبير على المواد التي تكون فيها تخفيضات وهو ما تمنى سعيد أن يتحقق حتى بالنسبة لبيع الأضاحي في المحلات التجارية الكبرى ، حتى لا يكونوا كمستهلكين عرضة للسماسرة والمضاربين.   مصاريف هذه السنة اعتبرها سعيد “مستنزفة للجيوب خاصة وأن الأسر هذه السنة تفكر في قضاء العطلة الصيفية وزيارة الأقارب في المدن الساحلية وهو ما يقتضي ميزانية مالية كبيرة ستدخل العديد من المغاربة للنفق المسدود”.

فتزايد مؤشرات الغلاء سيلهب جيوب المواطنين وسيعمق معاناتهم مع ارتفاع أسعار المحروقات وأغلب المواد الأساسية كالزيت والقمح والحليب.

 إغاثة الحكومة للماشية

سبق وأشار الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفة بايتاس، إلى أن الحكومة “ستدعم القطاع من خلال برنامج إغاثة الماشية واقتناء الأعلاف، والذي هو عبارة عن برنامج يقدم الأعلاف بثمن مدعم لمربي الماشية، ويحافظ في نفس الوقت على استقرار الأسعار في السوق الوطنية، لكي لا يكون له أي تأثير على إنتاج اللحوم والألبان”.

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة أنه “يجب التمييز بين مستويين في التعامل مع هذه المناسبة الدينية، أولا السياق الذي يحكم الموسم الفلاحي الحالي، الموسوم بتأخر أو قلة التساقطات المطرية”، وثانيا المخطط استثنائي للحد من آثار الجفاف ب10 ملايير درهم،  الذي فيه جزء موجه لعلف الماشية، وجزء موجه للمراقبة وتتبع الحالة الصحية للقطيع”.

و شدد مصطفى بايتاس على أن ” الوضعية الصحية لقطعان الماشية هي جيدة”، مشيرا الى أن ”  عملية التلقيح التي تتم بالمجان، عرفت تلقيح 2 ملايين رأس من الأبقار ضد الحمى القلاعية، و حوالي 19 مليو ن رأس من الأغنام ضد طاعون المجترات الصغيرة، والجدري، و  4.5 مليون رأس من الماعز ضد طاعون المجترات الصغيرة”.

وبالنسبة لحصيلة البرنامج الخاص للحد من آثار الجفاف الى حدود اليوم، كشف الوزير أنه ” تم اقتناء 4.6 مليون قنطار من الشعير، وزع منها لحد الان 3.1 لفائدة 800 ألف مستفيد، كما تم اقتناء 1.8 مليون قنطار من الأعلاف المركبة، التي مكنت خلال شهر رمضان، من ضمان منتوج جد كافي من مادة الحليب”.

أما بخصوص العرض من الماشية الموجهة لعيد الأضحى، فقال بأنه “محدد في 7 ملايين، والطلب في حدود 6 ملايين”، مؤكدا أنه ” منذ غشت 2021، تم اطلاق صفقات وطلبات العروض لاقتناء شارات الترقيم الخاصة بالأضاحي، وفي دجنبر 2021 تم تأطير العمل الخاص ببرنامج عيد الأضحى، وفي 2022، تم تسجيل جميع المزارع الخاصة بتسمين الأغنام والماعز لمعرفة في حالة وقوع حالة مرضية، المزرعة التي تربت فيها الأضحية”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى