الرياضةسلايدر

دورة الألعاب المتوسطية بالجزائر..إستياء أوروبي ومباريات رياضية تستبعد الجمهور

الدار/ هيام بحراوي

 

تحتضن مدينة وهران بالجزائر، وإلى غاية السادس من يوليوز القادم، النسخة 19 من ألعاب البحر الأبيض المتوسط، هذه الدورة ومنذ الإعلان عنها عرفت مشاكل كثيرة بدءا من تأجيلها بعام واحد عن موعدها الأصلي، جراء تفشي فيروس كورونا في العالم، مرورا بالمشاكل التي رافقت تنظيمها والتي جعلت مجموعة من المنتخبات الأوروبية تعلق المشاركة في هذه الدورة وهو ما شكل ضربة موجعة للجزائر التي تعول سلطاتها على هذه الألعاب لزيادة الترويج لهذا البلد الذي يعاني من أزمات سياحية واقتصادية خانقة  .

إنزعاج من سوء التنظيم

رغم المجهودات التي بدلت من طرف السلطات الجزائرية إعلاميا للتسويق لهذه التظاهرة الدولية سواء من خلال المنصات الإعلامية التي حشدت ولا من خلال الصفحات الفايسبوكية التي أنشأت، فقد أتضح أن تلك المجهودات لم تخفي غضب بعض اللاعبين خاصة الأوروبيين، الذين استاءوا وتذمروا من سوء التنظيم.

فقد قررت اتحاديتا فرنسا وإسبانيا للفروسية الانسحاب من المشاركة في المنافسات الخاصة بهذه الرياضة، وبررتا ذلك  بـ”عدم توفير أبسط الضمانات بخصوص صحة ومأكل وسلامة الخيل”.

كما جاء الدور على الاتحاد الإيطالي للفروسية، الذي اعتذر بدوره عن المشاركة في هذه الدورة دون تقديم مبررات. وجاء قرار قرار منتخبات البلدان الثلاث، لأسباب تتعلق بسوء التنظيم المتمثل في ”غياب برنامج واضح وتنظيم لوجيستيكي وصحي يضمن سلامة الخيول والوفود المشاركة في هذه التظاهرة من الدولة المنظمة”.

في ذات السياق، اعتذر اتحاد السباحة للجنة الأولمبية المصرية عن المشاركة بسبب “مشاركة منتخب السباحة فى بطولة العالم في نفس التوقيت واعتذر اتحاد الكرة للجنة الأولمبية المصرية أيضا عن المشاركة بالمنتخب الأولمبي لكرة القدم “لعدم جاهزية المنتخب حتى الآن وعدم التعاقد مع جهاز فني”.

وبالرغم من المبررات المختلفة التي قدمتها الفرق السابقة الذكر لعدم المشاركة في هذه الألعاب في هذه الدورة، فيبقى بحسب المتتبعين القاسم المشترك واحد هو التخوف من سوء التنظيم وعدم جاهزية الملاعب الجزائرية واحترامها للمعايير الدولية ، وهو الأمر الذي سيفضحه مجموعة من اللاعبين الأوروبيين الذين بمجرد بدء الألعاب، حتى عبروا عن استنكارهم للظروف سواء تعلق الأمر بالإقامة أو نوعية الأكل المقدم.

ولم يتأخر رد  محافظ هذه الدورة، عزيز درواز كثيرا حيث عمد على التسويق من خلال تصريحاته إلى  إن 12 دولة سجلت للمشاركة في الألعاب، وهي الجزائر، قبرص، فرنسا، مصر، اليونان، إيطاليا، ليبيا، البرتغال، المغرب، إسبانيا، سوريا، تركيا وانتقد المصدر ذاته، المبررات الفرنسية والإسبانية، وقال إنها “كاذبة” وأشار إلى أن الاتحاديتين المذكورتين “سعتا لفرض شروط خاصة لمشاركتها في الدورة، بدعوى توفير الضمانات المطلوبة بخصوص صحة وسلامة الخيول”.

غضب لاعبة إسبانية

اللاعبة الإسبانية، كارلوتاج كوناردو المتواجدة حاليا في القرية الأولمابية بوهران ، عبرت عن سخطها وتذمرها من عدم توفر الأجواء المناسبة للاعبين الدوليين الذين حلوا بالجزائر، فقد عبرت من خلال تصاريح إعلامية عن عدم رضاها على الأكل الذي قدم لها والذي وصفته بـ “غير الصحي ” وقالت أيضا ” هكذا هي تعابير وجهي لما اخبروني أنه ليس هناك مسبح في الإقامة”.

وقد تضامن مع اللاعبة عدد من المعلقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي استهزئ الكثيرين بعدم احترام الجزائر للمعايير الدولية في تنظيم مثل هذه التظاهرات التي هي بمثابة فرصة لا تعوض بالنسبة للدول التي تستغلها للنهوض أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية.

ضربة موجعة

زاد القرار غير المفاجئ لبعض الاتحادات الرياضية في الاتحاد الأوروبي، التي أعلنت انسحابها من هذه الألعاب “لعدم كفاية الضمانات المتوقعة ” ، من انزعاج السلطات الجزائرية التي لم تجد جوابا إلا التنديد بالأسباب المبالغ فيه التي تم التذرع بها.

وبالمقابل، لم يستطع المحافظ عزيز درواز تقديم إجابات للأسباب الرئيسية التي تكمن وراء القرار الذي أعربت عنه فرنسا وإسبانيا وإيطاليا بسبب سوء التنظيم.

وقد شكل غياب المنتخبات الأوروبية الثلاث، ضربة موجعة، للجزائر، خاصة وأن الأمر يتعلق بمنتخبات حصدت عدة ميداليات خلال الدورات السابقة، ويتعلق الأمر بحسب المتتبعين للمجال الرياضي،  بالدول الأكثر تتويجا بميداليات الألعاب منذ دورتها الأولى في الاسكندرية المصرية سنة 1951، إذ يملك الإيطاليون ما مجموعه 1967 ميدالية ، ويتوفر الفرنسيون على 1550 ميدالية، في حين حصد الإسبان 1126 ميدالية، بفارق كبير عن تركيا صاحبة الرتبة الرابعة بـ637 ميدالية.

مباريات تستبعد الجمهور

وحسب ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن ما يقع هو بمثابة مهزلة في تاريخ الرياضة، بحيث تم منع العديد من المواطنين من اقتناء التذاكر لحضور المباريات، وبأن من يدخل لتلك الأماكن فقط أبناء الجنرالات، حسب ما تم التصريح به.

وقال أحد الفايسبوكيين، أن المنظمين يرفضون حضور الجمهور خاصة في المسبح والماء، وأنهم يقومون ببيع تذاكر وهمية للجمهور في حين تبقى المقاعد شاغرة.

فمن بين أسباب التنظيم الفاشل حسب المتتبعين ، خجل الجزائر من جمهور بلادها ، و عدم قدرتها على التحكم  في الفوضى التي قد تنتج عن بعض المباريات فضلا عن عدم إيجادها الإستثمار في الرياضة وتنظيم أحداث دولية بهذا الحجم.

ودليل ذلك هو كمية السخط العارمة التي عبر عنها الجزائريون أنفسهم من خلال تعليقاتهم على بعض المسابقات التي عرفت مشاكل فيما يخص التذاكر .

ومن بين أسباب الفشل في التنظيم كذلك، أن السلطات الجزائرية، لم تستعد بالشكل اللازم لهذه التظاهرة، حيث كانت قد  سجلت تأخرا في تسليم المركبات وتجهيز عدد من المنشآت العام الماضي، وهو ما جعل وزير الشباب والرياضة عبد الرزاق سبقاق يقيل مدير تنظيم ألعاب البحر  الأبيض المتوسط سليم إيلاس.

وتتفاقم الصعوبات ، التي يواجهها المنظمون، لعدة أسباب ، منها التأخير الكبير في تجهيز بنيات تحتية لازمة للسير الحسن لهذه الألعاب، واستقبال الوفود، والتأخير في تعبئة الخدمات اللوجستية المناسبة.

وكان الاتحاد الفرنسي للفروسية قد أصدر  بيانا واضحا قال فيه “بعد التشاور مع اللجنة الأولمبية الوطنية والرياضية الفرنسية والطاقم الفيدرالي لقفز الحواجز، قرر الاتحاد الفرنسي للفروسية انسحاب المنتخب الفرنسي من دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط“.

وأضاف ” أنه وعلى الرغم من الخطوات العديدة التي تم اتخاذها على المستويين الرياضي والإداري، كما هو الحال مع الفرق الأوروبية الأخرى مثل إسبانيا أو إيطاليا، “إلا أن الضمانات المتوقعة لم تتمكن من توفيرها من قبل الجهة المنظمة“.

وتأسف الاتحاد عن اتخاذ هذا القرار في ظل “غياب برنامج رياضي محدد من اللجنة المنظمة لألعاب البحر الأبيض المتوسط في وهران ونظام لوجستي وصحي يضمن رفاهية الخيول“.

زر الذهاب إلى الأعلى