أخبار الدارسلايدر

الإنزال الجزائري في مونديال 2022.. شغف أم تجييش؟

الدار/ تحليل

لماذا هذا الإنزال الذي يقوم به الجمهور الجزائري في قطر مع أن منتخب الجزائر لا يشارك وأقصي من طرف المنتخب الكاميروني؟ ما يفعله هذا الجمهور في مونديال 2022 غير مسبوق، لم يسبق لجمهور منتخب كروي في العالم أن حشد كل هذه الحشود وجيّش كل هذه الأفواج من أجل الحضور في منافسة كروية وفرض أعلام بلاده على الكاميرات على الرغم من أنه لن يلعب أي مباراة. هذا المشهد لم يعد يثير استغراب القطريين أو المغاربة أو الجماهير العربية فقط، بل حتى بعض الجزائريين من أصحاب الرأي الحر أضحوا يطرحون السؤال تلو السؤال عن حقيقة هذا الحضور الكثيف في مونديال قطر.

والذي يزيد من الشكوك التي تحوم حول هذا الإنزال الجماهيري المنسق هو أن الجمهور الجزائري في أغلب الحاضرين عنه عبّر عن مواقف مناهضة لرغبات الجماهير العربية والإفريقية. لقد ظهر بعضهم أمام الكاميرات وهو يتمنى هزيمة المنتخب السعودي أمام نظيره الأرجنتيني، بينما تحفّظ الكثيرون منهم عن تشجيع المنتخب التونسي، بينما ظهرت أعداد كبيرة منهم في مؤازرة المنتخبات التي لعب ضدها المنتخب الكاميروني. أ لهذا الحد يمكن أن يفقد جمهور رياضي البوصلة ويتيه في مناسبة عالمية ككأس العالم الدائرة بقطر؟ من المؤسف أن تشهد هذه البطولة، التي تجري لأول مرة على أرض عربية، مواقف معادية للطموح العربي كالتي عبّر عنها بعض التائهين من هذه الجماهير.

من حق الجمهور الجزائري طبعا أن يتابع المونديال سواء عبر الشاشات أو في المدرّجات لكن أن يحدث ذلك في شكل إنزال منظم فهذا الأمر يثير الكثير من التساؤلات حول من يقف وراءه ومن يموّله، ومن يوجهه. لقد تبين أن الأزمة التي حدثت في تذاكر مباراة المغرب وإسبانيا في ثمن النهائي مردها في جزء منها إلى تهافت العديد من الجماهير الجزائرية على شرائها قبل المباراة، وتحويلها نحو السوق السوداء من أجل المضاربة والتربح، ولكن بالأساس من أجل التقليل من أعداد الجماهير المغربية التي ستؤازر أسود الأطلس في مباراة يوم غد. فالكل يعلم أن القوة الضاربة الحقيقية للمنتخب الوطني تكمن في هذا التناغم الحاصل بينه وبين جمهوره الذي يخلق الاحتفالات ويؤجج لهيب الحماس بين اللاعبين.

لم نر الأعلام الإيطالية في هذا المونديال على الرغم من أن المنتخب الإيطالي يعد واحدا من أكثر المنتخبات حضورا في تاريخ كأس العالم، كما لم نشاهد أعلام السويد أو مصر أو الكوت ديفوار. لكننا شاهدنا عشرات المشجعين الجزائريين يتمايلون في شوارع قطر وفي جنبات الملاعب وعلى المدرّجات يرددون الأناشيد والأغاني الجزائرية، ويحتفون بهزائم الأشقاء العرب والأفارقة بينما تلعب المنتخبات الأخرى وتسجل اسمها في سجلات تاريخ هذه البطولة، بما تقدمه من إنجازات وعطاءات كروية. لا يمكن بتاتا اعتبار هذا الحضور الكبير للأعلام الجزائرية وحامليها في قطر مجرد شغف وعشق لكرة القدم، فكثير من المشجعين كانوا يصرخون في الساحات والملاعب بتشجيع منتخبهم الذي لم يشارك أصلا في المنافسات، ومن ثمة فإن التفسير الوحيد لهذا الإنزال هو أنه عملية تجييش واسعة وغير عفوية كانت وراءها أيادي نظام سياسي لا ينسى الجروح والهزائم بما في ذلك هزائم الكرة وأهدافها القاتلة على غرار هدف اللاعب الكاميروني إيكامبي.

نحن نعلم أن هناك الكثير من الجماهير الجزائرية الواعية والمؤمنة بروح العروبة والجوار والتي ستكون غدا وراء منتخبنا الوطني المغربي في مواجهة نظيره الإسباني، لكن من غير المفهوم بتاتا أن تصل درجة الإمعان في السباحة ضد التيار حد هذا الحُمق والجنون الذي يعبّر عنه هؤلاء التائهون في ملاعب قطر.

زر الذهاب إلى الأعلى