أخبار الدارسلايدر

توالي الفضائح في هرم السلطة في الجزائر يكشف ملفات تفضح عمالة مسؤولين في هرم النظام الجزائري لفرنسا

الدار- تحليل

كانت فضيحة تورط المدير العام للأمن الوطني الجزائري، فريد زين الدين بن الشيخ، في العمالة للنظام الفرنسي، مقابل امتيازات شخصية، بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس، وكشفت تبعية النظام العسكري الجزائري، الى فرنسا.
رغم أن كابرانات قصر “المرادية” بالجزائر، يروجون لخطاب ربط أي تعاون اقتصادي أو سياسي أو ثقافي مع فرنسا باعتراف هذه الأخيرة بجرائمها التي ارتكبتها في الجزائر طوال الحقبة الاستعمارية، فان الوثائق التي كشفت تورط المدير العام للأمن الوطني الجزائري، في العمالة لفرنسا، وفي تزوير وثائق تحت يافطة “زواج أبيض” للحصول على تصريح إقامة بفرنسا، يبدد كل الخطابات الجوفاء التي يرفعها الكابرانات ضد فرنسا.
في واقع الأمر تورط المسؤولين الجزائريين في العمالة لفرنسا، والاشتغال لصالحها، ليس بالشيء الجديد، حيث سبق أن كشفت وثائق تورط مسؤولين جزائريين نافذين في السياسة والاقتصاد في تلقي رشاوي من فرنسا، مقابل تسهيل دخول شركات خدماتية فرنسا، بعضها مفلس، الى الجزائر.
الفساد الجاثم على صدور الشعب الجزائري، لازال ينخر المؤسسة العسكرية، حيث تورط في عام2018، خمس جنرالات وعقيد سابق، في فساد و الثراء غير المشروع واستغلال مواقعهم، كما تورط عدد من المسؤولين الجزائريين في تهريب المخدرات الى فرنسا، أمام أعين السلطات المتواطئة، ناهيك عن تورط شركة “سونطراك” أكبر ممول لجبهة “البوليساريو”، في فضائح فساد في ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية كشفت تورط كبار المسؤولين في الجار الشرقي للمملكة.
الشركة الجزائرية، شهدت في السنوات الأخيرة، سلسلة من الفضائح الدولية تورط فيها مسؤولون كبار ووزراء، كان جلها يتمحور حول إبرام صفقات غير قانونية في الجزائر؛ ما أدى إلى توقيف عشرات المسؤولين في العقد الأخير، لكن تقارير دولية تؤكد أن خيوط فساد الشركة تمتد إلى أعلى هرم في السلطة الجزائرية. بعد فقدان فرنسا تواجدها العسكري في مالي، وتشاد، منح النظام العسكري الجزائري، ما يملكه من ثروة الغاز مقابل حماية فرنسا للجزائر عسكريا، حيث اقترحت الجزائر أن تساهم كوسيط من أجل إنشاء قواعد عسكرية فرنسية في موريتانيا، كما أن عددا من كبار الجنرالات في المنظومة العسكرية الجزائرية، متورطون في صفقات مع شركات فرنسية تشم منها رائحة فساد أزكمت الأنوف.
لفات الفساد في الجزائر يكون وراءها دائماً لوبي من المؤسسة العسكرية والأمنية يتداخل فيه صراع السلطة والثراء غير المشروع إلى غير ذلك، وهو ما يفسر أن كثيرا من المسؤولين الجزائريين الذين فروا إلى الخارج بعد سقوط واجهة بوتفليقة ذهبوا بالخصوص إلى إسبانيا التي تشتري الغاز الجزائري.
لذلك، فتورط المدير العام للأمن الوطني الجزائري، في العمالة لفرنسا مقابل استثمارات ضخمة في باريس، يؤكد أن ملفات الفساد في الجزائر يكون وراءها دائماً لوبي من المؤسسة العسكرية والأمنية يتداخل فيه صراع السلطة والثراء غير المشروع إلى غير ذلك، وهو ما يفسر أن كثيرا من المسؤولين الجزائريين الذين فروا إلى الخارج بعد سقوط واجهة بوتفليقة ذهبوا بالخصوص إلى فرنسا وقبلها إسبانيا، التي كان تشتري الغاز الجزائري.
قبل أيام أكد السفير الفرنسي السابق في الجزائر، “غزافييه دينكو”، في مقال مهم بعنوان “الجزائر تنهار.. هل ستجر فرنسا معها”، نشر في صحيفة “لوفيغارو”، أن ” فرنسا لا ينبغي أن تراهن على الجزائر التي يعتبرها في طريقها إلى الانهيار في عهد ما يسمى بـ”الجزائر الجديدة” تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون.
ومن ضمن المؤشرات التي توقف عنها، السفير غزافييه دينكو، هو أن جميع المراقبين الموضوعيين للشأن السياسي في الجزائر، لاحظوا أنه ومنذ 2020 وبعد أسابيع معدودة من بارقة الأمل التي حاول الرئيس تبون أن يبثها بين المواطنين، سرعان ما سقط القناع وأظهر النظام الجزائري وجهه البشع، والمتمثل في سيطرة طغمة من العسكريين على مقاليد الحكم في البلد.
كلام غزافييه دينكو، ليس بكلام كاتب مقال فقط، بل هو سياسي محنك، خبر المشهد السياسي في الجزائر، بحكم توليه منصب سفير فرنسا في الجزائر لفترتين، الأولى ما بين 2008 و2012 والثانية ما بين 2012 و2017، وهو ما جعله يخلص الى خلاصة أكد فيها أن ” العسكر الذين كانوا ولا يزالون هم الحكام الفعليين للجزائر، حاولوا جاهدين تقديم للشعب وللعالم واجهة مدنية تتمثل في رئيس مدني، لكن في الكواليس ظل نظام العسكر، هو من يمسك خيوط اللعبة السياسية. نظام يصفه السفير الفرنسي بأنه وحشي، مدرب على أساليب الاتحاد السوفياتي، مهووس بالحفاظ على امتيازاته وريعها غير آبه بالأزمة الاقتصادية التي تخنق الشعب الجزائري.

زر الذهاب إلى الأعلى