
الدار/ مريم حفياني
شهدت مدينة شفشاون تنظيم حملة طبية مكثفة تحت عنوان “رحلة النور”، أشرف عليها طاقم من الأطباء الصينيين المتخصصين في أمراض وجراحة العيون، حيث تم خلالها إجراء 337 عملية جراحية لإزالة المياه البيضاء (الساد) خلال أسبوعين فقط.
وتندرج هذه المبادرة ضمن برنامج أوسع تحتفي فيه الصين بمرور خمسين عامًا على إرسال أول بعثة طبية صينية إلى المملكة المغربية، وهو برنامج طويل الأمد يُبرز التزام بكين بتعزيز التعاون الصحي مع الدول الإفريقية، والمغرب في مقدمتها.
الحملة، التي نُفذت بتنسيق مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية، استهدفت شريحة من المواطنين الذين يعانون من فقدان البصر بسبب مرض الساد، خصوصًا كبار السن وسكان المناطق الجبلية الذين يواجهون صعوبة في الوصول إلى الخدمات الطبية المتخصصة.
وبحسب مصادر، فقد تميزت العمليات التي أجراها الفريق الصيني باستخدام تقنيات حديثة وأجهزة دقيقة ساهمت في تقليص زمن العملية، وضمان نسبة نجاح مرتفعة. وقد عبّر عشرات المرضى عن امتنانهم لهذه المبادرة التي أعادت إليهم نعمة البصر، ومنحتهم أملًا جديدًا في حياة طبيعية.
لا تقتصر أهمية هذه الحملة على بعدها الإنساني والطبي فحسب، بل تحمل أيضًا بُعدًا دبلوماسيًا مهمًا، إذ تُجسد واحدة من أبرز ثمار “الصداقة الطبية” بين الرباط وبكين، والتي لطالما شكلت أحد أعمدة التعاون جنوب-جنوب الذي تسعى الصين إلى ترسيخه مع الدول الإفريقية.
وقد اعتبر مراقبون أن اختيار مدينة شفشاون الجبلية لهذه الحملة يرمز إلى توجه جديد يهدف إلى الوصول إلى المناطق النائية، وتقديم الدعم للفئات الهشة، بعيدًا عن مراكز المدن الكبرى.
وتأتي حملة “رحلة النور” في سياق احتفالي بمرور نصف قرن على بداية الشراكة الطبية بين البلدين، حيث أرسلت الصين أول بعثاتها الطبية إلى المغرب عام 1975. ومنذ ذلك الحين، تعاقبت الفرق الصينية على العمل في مستشفيات عدة، وشاركت في برامج تدريب وتكوين الكوادر الطبية المغربية، فضلًا عن المساهمة في جهود محاربة الأوبئة وتقديم الخدمات في حالات الطوارئ والكوارث.
تشير حملة “رحلة النور” إلى أن التعاون الدولي الحقيقي لا يُقاس بالبيانات الدبلوماسية أو الاتفاقيات الورقية فقط، بل يظهر جليًا حين يُترجم إلى خدمات ملموسة تُحدث فرقًا في حياة الناس. وبالنسبة لشفشاون، كانت هذه الحملة أكثر من مجرد تدخل طبي.. لقد كانت فعليًا “رحلة نحو النور” أعادت البصر والابتسامة لمئات الأسر المغربية.