أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

وثيقة مزيفة وفضيحة مدوية… حينما يتحول التضليل إلى سياسة رسمية في الجزائر

وثيقة مزيفة وفضيحة مدوية… حينما يتحول التضليل إلى سياسة رسمية في الجزائر

الدار/ إيمان العلوي

مرة أخرى، يخرج علينا الذباب الإلكتروني التابع للنظام الجزائري بفبركة جديدة تنضح بالرداءة، في محاولة يائسة لتشويش الرأي العام وتضليل المتابعين بشأن قضية الصحراء المغربية. الوثيقة التي زُعم أنها صادرة عن البيت الأبيض وتحمل موقفًا مغايرًا للإدارة الأمريكية تجاه الوحدة الترابية للمملكة، لا تعدو أن تكون مسودة ركيكة الصياغة، لا علاقة لها بالمراسلات الرسمية ولا بأبجديات العمل الدبلوماسي، وهي دليل إضافي على حالة التخبط الإعلامي والسياسي التي يعيشها النظام الجزائري.

منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، تم تداول هذه “الوثيقة” على منصات التواصل الاجتماعي، مدعومة من حسابات وهمية وصفحات مأجورة تنشط ضمن شبكة الذباب الإلكتروني الجزائري. لكن أي فحص بسيط لمحتواها، سواء لغويًا أو شكليًا، يكشف هشاشتها ويفضح زيفها. لا وجود لأي أثر لهذه الوثيقة في أي مصدر رسمي أمريكي، سواء على موقع البيت الأبيض أو منصات الخارجية الأمريكية أو حتى في وسائل الإعلام الدولية ذات المصداقية. الغريب أن من يقف خلف هذه المهزلة لم يكلف نفسه حتى عناء مراجعة اللغة الإنجليزية، إذ امتلأت الوثيقة بأخطاء لا يقع فيها تلميذ في سنته الدراسية الأولى، مثل “United States of Amcrica” و”Thank you for interest”، فضلاً عن جمل مفككة لا معنى لها على الإطلاق.

أما الشكل، فحدّث ولا حرج. تصميم الوثيقة يفتقر إلى أبسط مقومات الاحتراف، من الخط المستعمل إلى تنسيق النص، وصولاً إلى الختم الرسمي المزعوم الذي كُتب عليه “TUIF WHITE HOIJE” بدل “THE WHITE HOUSE”، في سقطة لغوية تكشف الغرض الحقيقي من الوثيقة: التضليل، لا غير. وحتى الاسم الموقّع بها، “John A. Miller”، لا وجود له في أي هيئة رسمية أمريكية، ما يؤكد أن الوثيقة مجرد اختراع خيالي تم تصميمه في غرف مظلمة هدفها مهاجمة المغرب، بعد أن باتت انتصاراته الدبلوماسية تزعج جيرانه الحاقدين.

هذا النوع من التزوير لا يفاجئ المتابعين، فالنظام الجزائري دأب منذ سنوات على استخدام الإعلام الموجّه والذباب الإلكتروني في محاولة يائسة للتشويش على مواقف الدول التي تدعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية. وبعدما ضاقت به السبل السياسية والدبلوماسية، لجأ إلى صناعة الأوهام ونشر الأكاذيب، في مشهد يعكس بؤسًا عميقًا وإفلاسًا استراتيجيًا لم يعد ممكنًا إخفاؤه.

الواقع أن الدعم الأمريكي لمغربية الصحراء لم يتغير، بل إنه ترسخ منذ إعلان إدارة الرئيس دونالد ترامب عن اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو موقف تم دعمه بقوة في الرسالة الأخيرة من ترامب إلى الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش المجيد. وبالتالي، فإن محاولة اختلاق وثيقة مزيفة لترويج العكس لا تنم إلا عن ارتباك واضح من طرف نظامٍ فقد البوصلة، ويعيش عزلة دولية متزايدة بسبب تعنته وعدائه المستمر لجيرانه.

المؤسف في هذه الواقعة ليس فقط التزوير بحد ذاته، بل الجرأة على الكذب باسم مؤسسات سيادية أجنبية، في تصرف يضرب كل الأعراف والأخلاقيات السياسية عرض الحائط. إنها فضيحة مدوية تُضاف إلى سلسلة من الإخفاقات التي باتت تلاحق نظامًا يعيش خارج منطق العصر، ويستبدل الحقيقة بالبروباغندا، والسياسة بالتحايل، والدبلوماسية بتقنيات الفوتوشوب الرخيص.

زر الذهاب إلى الأعلى