السفارة الصينية في المغرب تحيي ذكرى انتصار الحلفاء بعرض فيلم يوثق مأساة “ليشبون مارو”…

الدار/ مريم حفياني
بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، نظمت سفارة الصين لدى المملكة المغربية، يوم 15 غشت، عرضاً للفيلم الوثائقي “غرق السفينة ليشبون مارو” بالمركز الثقافي الصيني في الرباط، وذلك بحضور دبلوماسيين وشخصيات ثقافية وإعلامية.
العمل السينمائي أعاد تسليط الضوء على واحدة من أبرز المآسي الإنسانية التي طبعت سنوات الحرب، حين غرقت السفينة البريطانية “ليشبون مارو” في أكتوبر 1942، وكانت تقل أكثر من 1800 أسير حرب بريطاني، ليلقى المئات منهم حتفهم غرقاً بعدما استهدفتها غواصة أمريكية من دون أن تعلم بوجود الأسرى على متنها. وقد تحولت هذه الحادثة إلى رمز لمعاناة الجنود والمدنيين معاً خلال تلك المرحلة الدامية من التاريخ.
وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، شدّد القائم بالأعمال في السفارة الصينية، تشو تشي تشنغ، على أن استحضار مثل هذه الأحداث ليس مجرد تخليد للذاكرة، بل هو دعوة إلى استخلاص العبر من الماضي، مؤكداً أن الشعب الصيني قدّم تضحيات جساماً في مقاومة الغزو الياباني ودعم الحلفاء، وهو ما أسهم في تحقيق النصر التاريخي. وأضاف أن العالم اليوم في حاجة ماسّة إلى التضامن والعمل المشترك لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
ويأتي هذا النشاط في سياق عالمي واسع لإحياء ذكرى الحرب العالمية الثانية، حيث تحرص عدة دول على ترسيخ الذاكرة الجماعية: من احتفالات أوروبا بإنزال النورماندي وتحرير باريس، إلى العروض العسكرية في روسيا، وصولاً إلى إحياء ذكرى هيروشيما وناغازاكي في اليابان. ورغم اختلاف التظاهرات، فإن الرسالة تظل واحدة: التذكير بكلفة الحرب وأهمية حماية السلام.
أما المغرب، ورغم ابتعاده عن الجبهات الأوروبية والآسيوية، فقد كان جزءاً من هذا المسار التاريخي، إذ شارك آلاف الجنود المغاربة ضمن صفوف الجيش الفرنسي الحر في معارك مفصلية، أبرزها معركة مونتي كاسينو في إيطاليا سنة 1944، حيث سُجّلت تضحيات كبرى ساعدت في تغيير مسار الحرب. وقد حظي هؤلاء الجنود المغاربة لاحقاً باعتراف وتقدير من عدة دول أوروبية نظير شجاعتهم وتفانيهم.
إن تنظيم عرض فيلم “ليشبون مارو” في الرباط لا يعكس فقط التقاء الذاكرة الصينية بالمغربية، بل يؤكد أيضاً أن استحضار التاريخ يمكن أن يشكّل جسراً نحو المستقبل. فالعلاقات بين الرباط وبكين اليوم تتجاوز الجانب الثقافي لتشمل التعاون في الاقتصاد والبنية التحتية والتعليم والتكنولوجيا، بما يجعل من قيم السلام والتعاون التي أفرزتها الحرب قاعدة صلبة لشراكة استراتيجية متنامية.
بهذه المبادرة، حملت الصين رسالتها إلى الحاضر والمستقبل من قلب الرباط: أن السلام ليس مجرد خيار أخلاقي أو إنساني، بل هو شرط أساسي لبناء عالم أكثر عدلاً وأمناً وتوازناً بين الشعوب.