سلايدرصحة

مفتوح للجميع.. المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط صرح طبي بمعايير عالمية لخدمة كل الفئات

الرباط –أحمد البوحساني

في قلب العاصمة الرباط، يقف المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس كأحدث صرح طبي في إفريقيا، يجمع بين الحداثة والتكافؤ الاجتماعي. فبين جدرانه الزجاجية المهيبة وأروقته المجهزة بأحدث التقنيات، لا مكان للتمييز بين غني وفقير، إذ يؤكد القائمون عليه أن حق العلاج مكفول للجميع، دون “شيك ضمان” ولا عراقيل مالية.

 

و بعد أيام من تدشينه رسميًا من طرف الملك محمد السادس وولي العهد الأمير مولاي الحسن، فتح المستشفى أبوابه أمام وسائل الإعلام، كاشفًا عن تفاصيل مشروع طبي ضخم يُجسّد رؤية ملكية طموحة لتطوير المنظومة الصحية الوطنية وتحقيق السيادة الطبية والعلمية للمغرب.

يمتد المستشفى على مساحة 190 ألف متر مربع من أصل 280 ألف متر مربع مخصصة للمركب الاستشفائي، ويضم أكثر من 30 قطبًا طبيًا تغطي مختلف التخصصات، بطاقة استيعابية تصل إلى 600 سرير قابلة للرفع إلى 1000 سرير.

ويتوفر المستشفى على تجهيزات طبية تُستخدم لأول مرة في المغرب وإفريقيا، منها غرفة جراحية مركزية متكاملة وغرف “salles hybrides” متعددة الوظائف، إضافة إلى أحدث أجهزة التصوير والتشخيص مثل “UCT 960+” بسعة 320 شريحة، و “IRM OMEGA 3 Tesla” ، مع خطط لاعتماد أجهزة “5 Tesla” قريبًا.

كما يضم المستشفى مختبرات تحليلية مؤتمتة بالكامل، وأجهزة للعلاج الإشعاعي من طراز “URT Linac 506c” و “Ethos Hypersight”، إضافة إلى نظام متطور للأكسجة فوق العادية وتحت العادية.

ولضمان الاستمرارية، جُهز المستشفى بنظام كهربائي احتياطي عالي الأداء، يتضمن محطة توليد بقوة 8 ميغا فولت أمبير، ومحطة تحويل مستقلة، وأنظمة لإعادة التكوين التلقائي للطاقة، فيما تُغطي الألواح الشمسية 20% من احتياجات الطاقة تعزيزًا للالتزام بالاستدامة البيئية.

و في تصريح صحفي، أكد أحمد بنانة، المدير العام للمستشفى الجامعي الدولي محمد السادس، أن هذه المؤسسة الصحية “مفتوحة في وجه الجميع” وأنها تعتمد التعريفة المرجعية الوطنية دون فرض أي شيك ضمان على المرضى. مضيفا : “نحن نقدم رعاية طبية متطورة لكل المواطنين، وفق نظام شفاف يعتمد الفوترة الواضحة، ولا وجود لأي معاملات خارج الإطار القانوني. الفئات الهشة تستفيد من دعم مباشر من المؤسسة التي تتكفل بالفارق المتبقي بعد مساهمة نظام التغطية الصحية (أمو تضامن).”
وأوضح أن “الفئات المستفيدة من الحماية الاجتماعية تغطي معظم تكاليف العلاج، و المؤسسة تتحمل ما تبقى بالنسبة لمن ليست لديهم القدرة على الأداء”، مؤكدًا أن الهدف هو ضمان حق الجميع في الصحة دون عوائق مادية.

كما شدد على أن اختيار موقع المستشفى قرب مستشفى ابن سينا يعكس “رؤية استراتيجية تهدف إلى التكامل في العرض الصحي الوطني، وليس التنافس بين القطاعين العام والخاص”، مضيفًا أن المغرب يسير نحو “منظومة موحدة ومتكاملة تقوم على التنسيق لخدمة المواطن”.

وخلال الجولة التي خصصت لنساء ورجال الإعلام، تم الاطلاع على مرافق المستشفى التي تتبع معايير دقيقة للسلامة وجودة الهواء، خاصة في الأقسام الحيوية والمستعجلات. وقال المدير العام إن المستشفى اعتمد أنظمة متقدمة للتهوية تمنع العدوى وتحافظ على بيئة علاجية آمنة.

ويضم المستشفى 24 غرفة عمليات حديثة، من بينها غرف روبوتية وهجينة، و143 سريرًا للعناية المركزة، مما يجعله مركزًا وطنيًا وإقليميًا لعلاج الحالات المعقدة.

و لا يقتصر المركب على الجانب العلاجي، بل يحتضن أيضًا قطبًا أكاديميًا متطورًا يضم 15 مدرجًا بطاقة 4000 مقعد، و72 قاعة درس، و217 قاعة للأشغال التطبيقية تستقبل ما يقارب 8000 طالب، بينهم 500 طالب أجنبي.

وفي هذا الخصوص، أكد توفيق داكا، المدير الأكاديمي لقطب الطب، أن الكلية تتوفر على مدرجات متصلة مباشرة بغرف العمليات لتمكين الطلبة من متابعة الجراحات بشكل مباشر، إضافة إلى مركز محاكاة طبي يهيئهم للتعامل مع المرضى قبل الممارسة الميدانية. موضحا في ذات السياق أن القطب : “يهدف إلى تكوين طبيب كفىء و إنساني ومبتكر، يجمع بين التكوين النظري والممارسة العملية في بيئة تعليمية متطورة.”

بدوره، أوضح أحمد بنانة أن البحث العلمي يمثل “أحد ركائز المشروع”، موضحًا أن مركز محمد السادس للعلوم والأبحاث يُعد فضاءً مفتوحًا أمام جميع الطلبة والباحثين المغاربة، ويوفر تجهيزات متقدمة لدعم الأبحاث الوطنية في مجالات الطب والعلوم الصحية.

وأضاف أن المركز “يجسد الرؤية الملكية الرامية إلى تحقيق السيادة العلمية والصحية للمغرب، ليس فقط لفائدة المواطنين المغاربة، ولكن لفائدة القارة الإفريقية أيضًا”.

و اختتم المدير العام للمستشفى تصريحه بالتأكيد على أن افتتاح هذا الصرح الطبي “يشكل مرحلة مفصلية في مسار تحديث المنظومة الصحية بالمغرب”، مضيفًا أن ما تحقق هو “ثمرة الرعاية الملكية السامية التي تضع المواطن في قلب السياسات العمومية”. مؤكدا بالقول: “نحن أمام نموذج جديد للرعاية الصحية يجمع بين الحداثة، الكفاءة، والإنسانية، هدفه الأسمى هو تكريس الحق في العلاج وضمان الكرامة لجميع المواطنين.”

المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط ليس مجرد مؤسسة طبية حديثة، بل مشروع وطني استراتيجي يرسم ملامح جيل جديد من البنيات الصحية المغربية، المفتوحة للجميع، والمبنية على قيم الشفافية، التكافؤ، والتميز.

زر الذهاب إلى الأعلى