موريتانيا تُحرج البوليساريو وترفض الانجرار وراء أوهام الانفصال

الدار/ إيمان العلوي
وجهت موريتانيا صفعة قوية لجبهة البوليساريو برفضها القاطع لطلب فتح ما يسمى “سفارة” في نواكشوط، في خطوة تحمل أكثر من دلالة وتكشف عن توجه استراتيجي جديد في السياسة الموريتانية يقوم على الواقعية والابتعاد عن الصراعات المصطنعة.
هذا القرار لم يكن مجرد ردّ دبلوماسي شكلي، بل إعلان واضح بأن نواكشوط لن تسمح بأن تُستعمل أراضيها كمنبر لدعم مشروع انفصالي يفتقد للشرعية ويثير التوتر في منطقة تعيش على وقع تحديات أمنية خطيرة.
هذا الرفض يأتي في وقت يعيش فيه ما يُعرف بـ”الجمهورية الوهمية” عزلة غير مسبوقة، بعد سلسلة من الإخفاقات السياسية والدبلوماسية المتلاحقة. فالجبهة التي تحاول يائسة كسب اعترافات رمزية لم تعد تجد سوى أبواب مغلقة أمامها، في وقت تتزايد فيه الضغوط داخل مخيمات تندوف، حيث يتصاعد الغضب الشعبي بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية وغياب الأفق السياسي.
في المقابل، أظهر الموقف الموريتاني أن المرحلة الإقليمية الحالية لا تقبل المراوغة، وأن الدول باتت تضع أمنها واستقرارها فوق كل اعتبار، خصوصاً في منطقة الساحل التي تشهد اضطرابات أمنية معقدة وتمدداً للجماعات المتطرفة.
القرار الموريتاني يمثل أيضاً ضربة جديدة للجزائر التي تقف منذ عقود وراء هذا المشروع الانفصالي. فبينما كانت الجزائر تراهن على جرّ نواكشوط إلى مواقف معادية للمغرب، جاءت الرسالة الموريتانية حاسمة: لا مكان للأوهام السياسية ولا مجال للمغامرات الدبلوماسية التي تضر بعلاقات الجوار والتعاون الإقليمي.
نواكشوط اختارت الحياد المتزن لكنها في العمق انحازت للواقعية، ولمنطق الدولة الذي يقوم على احترام السيادة ووحدة الأراضي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
هذا التحول يعزز موقع المغرب الذي يواصل كسب الاعتراف الدولي بمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد والجاد لقضية الصحراء، وهو ما أكدته مجدداً القرار الأممي رقم 2797 الذي أعاد التأكيد على مصداقية المقترح المغربي وواقعيته. ومع استمرار عزلة البوليساريو وتراجع نفوذها، يبدو أن مشروعها السياسي وصل إلى نهايته الطبيعية، وأن الدول التي كانت تُساير خطاباتها بدأت تدرك أن مستقبل المنطقة لن يُبنى إلا على التعاون مع المغرب، القوة الإقليمية الصاعدة التي تجمع بين الاستقرار السياسي والدور الاقتصادي الحيوي في غرب إفريقيا.
بهذا الموقف الصارم، تكون موريتانيا قد وضعت حداً لمحاولات التلاعب السياسي التي حاولت الجبهة تمريرها باسم “التمثيل الدبلوماسي”، وأرسلت رسالة واضحة مفادها أن زمن المساومات قد انتهى، وأن من يريد أن يكون جزءاً من مستقبل المنطقة عليه أن يختار طريق الشرعية والاستقرار، لا طريق الأوهام والانقسام.





