أخبار دوليةسلايدر

بوعلام صنصال.. انتصار الكلمة على استبداد النظام الجزائري

الدار/ إيمان العلوي

بعد عامٍ من السجن والمعاناة الجسدية والنفسية، خرج الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال مرفوع الرأس، كما دخل أول مرة: حرّ الفكر، صلب الموقف، لا يساوم على مبادئه ولا ينحني أمام سلطةٍ جعلت من القلم خصمًا ومن الكلمة جريمة.

لقد تحوّل اسم صنصال، الذي تجاوز الثمانين من العمر، إلى رمزٍ عالمي للشجاعة الفكرية في وجه الاستبداد. فالرجل، المعروف بمواقفه الجريئة وانتقاداته اللاذعة للنظام الحاكم في الجزائر، رفض أن يساوم على حريته مقابل الصمت، رغم الضغوط والإهانات التي تعرّض لها داخل السجن، ورغم تدهور صحته.

كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد تهجم عليه علنًا قبل عام، متوعدًا بأنه “لن يرى الحرية”، في واحدة من أكثر التصريحات قسوةً التي تُوجّه إلى مثقف من بلاده. لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السلطة، إذ وجد النظام الجزائري نفسه مضطرًا إلى الرضوخ للضغوط الدولية، خصوصًا بعد تحرك برلين — التي يحمل صنصال جنسيتها الثانية — مطالبةً بالإفراج عنه لأسباب إنسانية وسياسية.

ورغم أن الرئاسة الجزائرية حاولت تقديم الأمر كـ”عفو إنساني”، فإنّ الوقائع تشير إلى أنّ الإفراج عنه كان نتيجة ضغط دبلوماسي وأدبي مكثّف من عواصم أوروبية، ومن منظمات حقوق الإنسان التي تابعت قضيته عن كثب، معتبرةً أن سجنه “انتقام سياسي من كاتب لم يقترف سوى قول الحقيقة”.

خروج صنصال لم يكن مجرد حدث قضائي، بل صفعة سياسية وأخلاقية للنظام الذي يواصل مطاردة كل صوت مخالف، ويعزل نفسه أكثر عن العالم. في المقابل، وجد الجزائريون في هذا الإفراج بصيص أمل، وتذكيرًا بأن الحرية لا تموت وإن خُنقت بالكبت، وأن للكلمة قوة تتجاوز القضبان.

يُجمع كتّاب وصحافيون أوروبيون اليوم على أن بوعلام صنصال، الذي خاض معركته من زنزانةٍ ضيقة، انتصر على الطغيان بصلابة روحه وثبات قلمه. فبينما يغرق النظام الجزائري في العزلة والاتهامات، يخرج الكاتب نقيًّا من كل خضوع، وقد تحوّل إلى رمزٍ للمقاومة السلمية وصوتٍ لمن لا صوت له في الجزائر.

إنّ ما حدث ليس مجرد قصة كاتب تحرّر، بل درسٌ عميق في أن الأنظمة القمعية، مهما بلغت قوتها، تبقى ضعيفة أمام فكرة صادقة. بوعلام صنصال لم يُهزم، لأنّ الحرية لا تُهزم، ولأن التاريخ — كما يقول — لا يكتب بالحديد، بل بالحبر.

زر الذهاب إلى الأعلى