سلايدرصحة

أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية

الدار: محمد الحبيب هويدي

تشهد العديد من الأسر المغربية التي يعاني أطفالها من السكري من النوع الأول حالة من القلق المتواصل، بسبب الحاجة اليومية لمراقبة مستويات السكر في الدم بدقة عالية. فالأطفال المصابون بهذا الداء يعيشون تحديات صحية معقدة تتجاوز ما يبدو على السطح، حيث يضطرون إلى الخضوع لعمليات وخز للأصابع مرات عديدة في اليوم، قد تصل أحياناً إلى عشر مرات، ما يخلّف ألماً جسدياً متكرراً ويولّد شعوراً دائماً بالضغط النفسي.

وراء هذه المعاناة المتواصلة، يبرز التطور الطبي المتمثل في أجهزة المراقبة المستمرة للسكر من نوع FreeStyle Libre ونظيراتها، والتي أحدثت ثورة حقيقية في طريقة متابعة مرض السكري عند الأطفال. إذ تمكّن هذه الأجهزة من الحصول على قياسات فورية لمستوى السكر دون وخز، وتوفر تنبيهات فورية عند حدوث انخفاض أو ارتفاع خطير، ما يمنح الطفل والأسرة قدراً كبيراً من الأمان ويتيح للطبيب إدارة المرض بكفاءة أعلى. وقد أثبتت أعداد كبيرة من الدراسات الدولية أن هذه التقنية ساهمت بشكل كبير في تحسين توازن السكر وتقليل المضاعفات الخطيرة، خاصة تلك التي تحدث أثناء النوم أو خلال الأنشطة اليومية.

غير أن الكلفة المرتفعة لهذه الأجهزة تجعل الكثير من الأسر عاجزة عن توفيرها بشكل مستمر لأطفالها، خاصة أن المستشعر الواحد لا يتجاوز أسبوعين من الاستعمال، ما يجعل المصاريف الشهرية مرتفعة مقارنة بإمكانيات العديد من العائلات. وفي المقابل، تعتمد دول عديدة هذه الأجهزة ضمن خدماتها الصحية الأساسية، وتمكّن الأسر من الحصول عليها إما بشكل مجاني أو معوَّض بنسبة مهمة، باعتبارها جزءاً من العلاج الضروري وليس مجرد وسيلة إضافية.

ومع تزايد الوعي الطبي بأهمية المراقبة المستمرة، يبرز أيضاً الجانب الاقتصادي الذي يبيّن أن اعتماد هذه الأجهزة وتغطيتها من طرف أنظمة التأمين الصحي قد يُجنب الدولة تكاليف كبيرة مرتبطة بالاستشفاءات الناتجة عن نوبات انخفاض أو ارتفاع حاد، فضلاً عن الوقاية من المضاعفات المزمنة المكلفة. فكل تحسن في توازن السكر يعني تقليل احتمال الإصابة بمشاكل العيون والأعصاب والكلى والقلب على المدى البعيد.

وتزداد الحاجة اليوم إلى الاستجابة لهذا النداء الإنساني والصحي الذي تطلقه الأسر، والذي يهدف إلى توفير الحد الأدنى من الأمان الصحي لأطفالهم، وتمكينهم من عيش طفولتهم بأقل قدر ممكن من الألم والمخاطر. فإدماج أجهزة FreeStyle Libre في التغطية الصحية ليس رفاهية ولا مطلباً ثانوياً، بل خطوة ضرورية لضمان حق الأطفال في الرعاية العادلة والمتطورة، ولمنحهم بداية جديدة في مواجهة مرض يلازمهم مدى الحياة.

هذا النداء يتجاوز حدود المطالبة بوسيلة طبية، ليعبر عن رغبة صادقة في توفير مستقبل أكثر أماناً لأجيال من الأطفال، وإعطاء أسرهم أملاً حقيقياً في أن يكون علاج السكري أكثر رحمة وإنسانية، في بلد يتجه بخطوات ثابتة نحو إصلاح شامل لمنظومته الصحية.

زر الذهاب إلى الأعلى