
بقلم: يو جينسونغ، سفيرة الصين في المغرب
مؤخراً، أدلى المسؤول الياباني بتصريحات غير مسؤولة، زاعماً أن «أي تدخل عسكري صيني في تايوان قد يشكّل أزمة تهدد بقاء اليابان»، في إيحاء واضح باستعداد بلاده للتدخل العسكري في مضيق تايوان. وقد أثارت هذه التصريحات اهتماماً دولياً واسعاً، وتناولتها أيضاً وسائل الإعلام المغربية. ويسرّني بهذه المناسبة أن أقدّم لأصدقائي المغاربة مبدأ الصين الواحدة، إضافة إلى الحقائق والحقيقة فيما يتعلق بقضية تايوان.
أولاً، كانت تايوان دائماً جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الصينية منذ العصور القديمة.
فمنذ القرن الثالث بعد الميلاد، وصل الأجداد الصينيون إلى تايوان، وخلّفوا آثاراً مدوّنة في المصادر التاريخية. وبعد القرن الثاني عشر، أقامت الحكومات الصينية المتعاقبة مؤسسات إدارية فوق جزيرة تايوان إلى غاية عام 1894، حين غزت اليابان الصين وأجبرت حكومة أسرة “تشينغ” آنذاك على التنازل عن تايوان. وقد نصّ «إعلان القاهرة» في ديسمبر 1943 و«إعلان بوتسدام» في يوليو 1945 صراحة على ضرورة إعادة جميع الأراضي الصينية التي سرقتها اليابان إلى الصين، بما فيها تايوان وجزر بنغهو. وفي سبتمبر 1945، وقّعت اليابان «وثيقة الاستسلام» متعهدة بالالتزام الكامل بما ورد في إعلان بوتسدام. وتثبت هذه الوثائق، ذات القوة الملزمة في القانون الدولي، أن الصين استعادت تايوان قانوناً وفعلاً، وهو ما يشكّل أساس النظام الدولي لما بعد الحرب، وعنصراً جوهرياً في مبدأ الصين الواحدة ومسألة سيادة تايوان.
ثانياً، مبدأ الصين الواحدة أصبح اليوم محلّ إجماع واسع في المجتمع الدولي.
ففي أكتوبر 1971، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والعشرين القرار 2758 بأغلبية ساحقة، والذي نص بوضوح على أن هناك «صيناً واحدة فقط في العالم، وأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الشرعي الوحيد لكل الصين، بما في ذلك تايوان». ومنذ اعتماد هذا القرار، باتت وثائق الأمم المتحدة تشير إلى تايوان باعتبارها «مقاطعة صينية». كما أكد الأمناء العامون المتعاقبون للأمم المتحدة أن منظومة الأمم المتحدة بأكملها ملتزمة بمبدأ الصين الواحدة وبالقرار 2758 في جميع مهامها. وخلال السنوات الـ54 التي أعقبت هذا القرار، طورت الصين علاقاتها الدبلوماسية لتنتقل من أكثر من 60 دولة إلى أكثر من 180 دولة. وهكذا، غدا مبدأ الصين الواحدة أساساً سياسياً لعلاقات الصين مع مختلف البلدان، وإجماعاً عالمياً ومعياراً جوهرياً في العلاقات الدولية.
ثالثاً، الصين يجب أن تتوحّد، وستتوحّد حتماً.
إن «إعادة التوحيد السلمي وبلد واحد ونظامان» هو السياسة الأساسية التي تعتمدها الصين لحل قضية تايوان. وإن حل هذه القضية وتحقيق الوحدة الوطنية يمثلان الإرادة الراسخة والمهمة المقدسة لـ1.4 مليار صيني. وقد حدد الاجتماع الكامل الرابع للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني مؤخراً الأهداف والمهام لتعزيز التنمية السلمية للعلاقات عبر مضيق تايوان، ودفع قضية الوحدة الوطنية على مسار بناء دولة اشتراكية حديثة بشكل شامل. ونحن نصرّ على السعي إلى أفق التوحيد السلمي بأكبر قدر من الإخلاص وأقصى الجهود، لكننا لن نتعهد أبداً بالتخلي عن خيار استخدام القوة، مع الإبقاء على إمكانية اتخاذ جميع التدابير اللازمة. ولا ينبغي لأي بلد، أو قوة، أو فرد أن يستخف بالعزم الراسخ، والإرادة الثابتة، والقدرة الهائلة للدولة والشعب الصيني في الدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية وتحقيق الوحدة الوطنية ونهضة الأمة.
رابعاً، اليابان ليست لها أي أهلية للتحدث في قضية تايوان.
فوفقاً لإحصائيات غير مكتملة، قُتل أكثر من 600 ألف من أبناء تايوان خلال الاحتلال الياباني للجزيرة. وقد ارتكبت اليابان جرائم لا تُحصى في تايوان وتتحمل مسؤولية تاريخية ثقيلة. ومؤخراً، واصل المسؤول الياباني إطلاق تصريحات استفزازية حول تايوان، ملوّحاً بإمكان تدخل عسكري في مضيق تايوان، ومحاولاً تضخيم «وضع تايوان غير المحدد». ولا يقتصر الأمر على تقويضه الأساس السياسي للعلاقات الصينية–اليابانية، بل إنه يتحدى بشكل صارخ النظام الدولي لما بعد الحرب والمعايير الأساسية للقانون الدولي. وما يبعث على القلق أكثر هو قيام اليابان بنشر أسلحة هجومية في الجزر الجنوبية الغربية القريبة من تايوان، ما يخلق عمداً توترات إقليمية. وهذه النزعة خطيرة للغاية وتتناقض مع التطلعات القوية للسلام لدى المجتمع الدولي.
ويوافق هذا العام الذكرى الثمانين لانتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، والذكرى نفسها للحرب العالمية ضد الفاشية، إضافة إلى الذكرى الثمانين لاستعادة تايوان. قبل 80 عاماً، صمد الشعب الصيني ببسالة وهزم العدوان العسكري الياباني. وبعد ثمانية عقود، باتت الأمة الصينية أكثر عزماً وثقة وقدرة على إحباط مخططات الانفصال لـ«استقلال تايوان» والتدخلات الخارجية.
خامساً، الصين والمغرب تربطهما صداقة تقليدية وطويلة الأمد.
وسيوافق العام المقبل الذكرى العاشرة لإطلاق الشراكة الاستراتيجية بينهما. وقد ظل المغرب متمسكاً دائماً بمبدأ الصين الواحدة، وهو موقف تقدّره الصين عالياً. وكما هو حال الشعب الصيني، يعتز الشعب المغربي بالسلام والعدالة. والصين على استعداد للعمل مع الدول الصديقة كافة، بما في ذلك المغرب، من أجل حماية السيادة الوطنية والأمن والمصالح التنموية، ومواجهة التدخلات الخارجية بحزم، والحفاظ على النظام الدولي لما بعد الحرب، وصون السلام العالمي.






